لينوس بولينغ.. الكيميائي الذي أنقذ العالم من إلقاء قنبلة نووية أخرى

لينوس بولينغ.. الكيميائي الذي أنقذ العالم من إلقاء قنبلة نووية أخرى

في 6 أغسطس من عام 1945 كان العالم على موعد مع الكارثة الإنسانية الأكثر فداحة من صنع الإنسان، عندما ألقيت أول قنبلة ذرية في العالم على مدينة هيروشيما اليابانية، لتتحول المدينة في لحظات إلى كتلة من الجحيم.

وقتها دمرت القنبلة مدينة هيروشيما وقتلت ما يزيد على 140 ألف شخص، وخلفت آلاف الضحايا يعانون من آثار الدمار والموت الذي حل بالمدينة التي كانت الإنذار الأول للعالم بحجم المأساة التي تمثلها أسلحة الدمار الشامل.

كانت القنبلة التي ضربت بها المدينة، جزءًا من مشروع مانهاتن الذي قامت به الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية، لإنتاج الأسلحة النووية لأول مرة، وتحت إشراف عالم الفيزياء الأمريكي روبرت أوبنهايمر، الذي عرف فيما بعد بلقب "أبو القنبلة الذرية".

لكن رجلًا واحدًا أدرك من البداية حجم الأمر ومخاطره، هو الكيميائي لينوس كارل باولنغ، الذي رفض إدارة قسم الكيمياء في مشروع مانهاتن.

كانت القنابل الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناجازاكي نقطة تحول في حياة بولينغ، فمع علماء آخرين تحدث وكتب ضد سباق التسلح النووي، وكان قوة دافعة في حركة السعي إلى الحد من دور الأسلحة النووية في السياسة الدولية.

بعد عملية القصف اقتنع بولينغ بأن الأسلحة النووية تشكل تهديدًا للوجود البشري، فانضم إلى هيئة الطوارئ لعلماء الذرة بقيادة ألبرت أينشتاين وحذر من استخدام القنبلة الهيدروجينية، ووقع على عرائض احتجاجية على سباق التسلح بين الشرق والغرب.

لم ترضِ جهود ومساعي بولينغ سلطات الولايات المتحدة، فرفضت منحه جواز سفر عام 1952 لحضور مؤتمر علمي في لندن، وأعيد له جوازه قبل سفره لتسلم جائزة نوبل في عام 1954، وفي عام 1959 كتب بولينغ نداء هيروشيما، الوثيقة النهائية للمؤتمر العالمي الخامس ضد القنابل الذرية والهيدروجينية.

وكانت له جهود أيضًا في التوصل إلى معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية، التي وقعتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة، والتي ضمنت التزام الدول بعدم إجراء أي تفجير من تفجيرات تجارب الاسلحة النووية، أو أي تفجير نووي آخر، وبحظر ومنع أي تفجير نووي من هذا القبيل في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها، والامتناع عن التسبب في إجراء أي تفجير من تفجيرات تجارب الأسلحة النووية أو أي تفجير نووي آخر والتشجيع عليه أو المشاركة فيه بأي طريقة كانت.

ودخلت المعاهدة حيز النفاذ في 10 أكتوبر 1963، وفي اليوم نفسه، أُعلن عن أن بولينج قد حصل على جائزة نوبل للسلام ليصبح أول حائز لجائزة نوبل يُمنح جائزتين فرديتين.

وتعود جهود بولينغ في تلك المعاهدة إلى عام 1961، حيث أرسل برقيتين، واحدة إلى الرئيس الأمريكي كينيدي، والأخرى إلى رئيس الوزراء السوفييتي خروشوف، يشجع فيهما الزعيمين على مواصلة وقف تجارب الأسلحة النووية.

وإلى جانب ذلك فلبولينغ عريضة شهيرة وقع عليها أكثر من 11 ألف عالم من جميع أنحاء العالم، قدمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تؤكد ضرورة وقف التجارب النووية، ولم تلقَ العريضة ترحيبًا من الرئيس الأمريكي أيزنهاور الذي هاجم العالمي الكيميائي قائلًا "لقد لاحظت أنه في كثير من الحالات يتورط علماء يبدو أنهم خارج مجال اختصاصهم".

ولد لينوس كارل بولينع في 28 فبراير 1901 في بورتلاند الأمريكية، وفي عام 1917 بدأ بولينج دراسة الهندسة الكيميائية في كلية أوريجون، وفي عام 1922 واصل بولينج دراسته للحصول على درجة الدكتوراه في الكيمياء والفيزياء الرياضية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

ومن عام 1927 إلى عام 1964، كان عضوًا في هيئة التدريس بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وخلال تلك الفترة تولى رئاسة قسم الكيمياء والهندسة الكيميائية، فضلاً عن كونه مديرًا لمختبري جيتس وكريلين للكيمياء.

وفي عام 1950، قام ببناء أول نموذج لجزيء البروتين، وهو الاكتشاف الذي كانت له آثار على فهم الخلية الحية، ونشر أوراقًا بحثية حول تأثيرات بعض تشوهات خلايا الدم، والعلاقة بين الشذوذ الجزيئي والوراثة، والأساس الكيميائي المحتمل للتخلف العقلي.

خلال الحرب العالمية الثانية، شارك بولينج في مشاريع علمية لخدمة الجيش الأمريكي، وكان مستشارًا لقسم المتفجرات في لجنة أبحاث الدفاع الوطني الأمريكية، ومن عام 1945 إلى عام 1946 كان عضوًا في مجلس أبحاث الأمن الوطني.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية